في إطار أنشطتها الثقافية والعلمية وبمناسبة الذكرى الخمسين لتأسيسها نظمت كلية أصول الدين بتطوان يومه الإثنين 28 محرم 1435 هـ الموافق لـ : 02 ديسمبر 2013 محاضرة علمية بقاعة الندوات والمحاضرات ألقاها فضيلة العلامة الدكتور محمد الكتاني مكلف بمهمة بالديوان الملكي وعضو أكاديمية المملكة المغربية تحت عنوان : " مستقبل الدراسات الإسلامية بالجامعة " انطلقت هذه المحاضرة بتلاوة آيات بينات من الذكر الحكيم ، بعدها تناول الكلمة مسير اللقاء عميد الكلية الدكتور محمد الفقير التمسماني الذي أبدى سعادته بالضيف المحاضر الدكتور محمد الكتاني حيث قدم له بورقة تعريفية أجمل فيها المسيرة العلمية الحافلة للضيف المحاضر ومختلف المسؤوليات الرسمية ، العلمية والأكاديمية التي يتبوؤها ، فهو علم من أعلام المغرب وأستاذ الجيل . كما شكر الحضور الكريم وفي مقدمتهم رئيس جامعة القرويين العلامة الدكتور محمد الروكي وعموم الحاضرين من سلطات محلية وأساتذة وطلبة ، ليفتح المجال للمحاضر لتقديم محاضرته العلمية . افتتح الدكتور محمد الكتاني كلمته بكلمات الشكر إلى السيد رئيس جامعة القرويين والسيد عميد كلية أصول الدين وإلى كل السادة الحاضرين ، بعدها انطلق في محاضرته : " مستقبل الدراسات الإسلامية بالجامعة " ، حيث قال إن هذه المحاضرة تتوجه إلى الشباب فهم الذين يتساءلون : ماذا يمكن أن يصنعوا في مجال الدراسات الإسلامية في المستقبل ؟ إننا إذا نظرنا ـ يقول المحاضر ـ إلى الحياة العقلية لكل أمة ، نجد ترابط الواقع العلمي والثقافي بالواقع التاريخي ، وأن الفكر الذي لا يتصل بالواقع ولا يواكب النظر التاريخي لا يكتب له البقاء ، وإذا نظرنا إلى حضارتنا الإسلامية نجد التأثر والتأثير بين الفكر والواقع والتاريخ في جدلية دائمة . ثم أضاف المحاضر متحدثا : إن الفكر الإسلامي في المرحلة الاستعمارية وجد نفسه أمام واقع جديد يملي عليه أفكارا جديدة ، فالحضارة الغربية لم نذهب نحن للاقتباس منها ، بل فرضت علينا فرضا من قبل المستعمر . هنا دخل الفكر الإسلامي مرحلة جديدة ، مرحلة التحدي ، فهو إما أن ينسجم مع هذه الحضارة ويأخذ منها أو أن يقبل بالاندحار والزوال . فكان يتوجب عليه ـ يقول المحاضر ـ تحقيق بعض المطالب منها : أولا : إحياء التراث الاسلامي والعودة إليه . ثانيا : الدفاع عن العقيدة الاسلامية وإحياء علم الكلام . ثالثا : الدعوة إلى الاصلاح الاجتماعي والسياسي لواقع الأمة الإسلامية . وبالرغم من هذا التوجه الذي سلكه الفكر الاسلامي ، فإن الامة الاسلامية ظلت متخلفة ، فارتباطنا بالغرب خلق لنا نوعا من الاحباط والارتباك ، حيث توجه البعض الى دراسة العلم الحديث ونسي تراثه ، باعتباره مخرجا نحو التقدم ، بالمقابل بقي البعض الآخر محافظا على التعليم العتيق ومتواصلا مع تراثه ، فنتج عن هذا توجهان : توجه نحو دراسة العلم الحديث وتوجه إلى دراسة العلم العتيق ، فانقسم المجتمع على نفسه ، فنجد ـ حسب تعبيرهم ـ التقدمي والرجعي . وهذا الانقسام ـ حسب المحاضر ـ مازال مستمرا الى اليوم في صور متعددة ، وسيظل كذلك ، مالم نوفق بين العقل والنقل ، هذا التوفيق الذي يجب أن يكون مؤسسا على أسس علمية متينة . وبعدما وقف المحاضر على بعض المحاولات التي رامت المقارنة بين الفكر الاسلامي والفكر الغربي عن طريق تحقيق التراث في شتى المجالات ، قال المحاضر بأن المفروض اليوم لا ان نحقق التراث فحسب ، بل علينا الانتقال الى مرحلة استيعاب هذا التراث والاجتهاد فيه لخلق مضامين جديدة توافق العصر ، فالعلوم النظرية الآن أصبحت تتوارى ، ووصلت إلى الطريق المسدود . فكيف السبيل إذن للخروج من هذا المازق ؟ وجوابا على ذلك عرض الدكتور المحاضر لمجموعة من المقترحات : ° ضرورة تصحيح نظرتنا الى متطلبات الإنسان وحاجياته ، فالانسان في نظر الاسلام : مادة وروح ، ومهمة الفكر الاسلامي الرد على الفكر الغربي الذي يحصر الانسان في حاجياته المادية فقط . ° ضرورة التواصل أكثر فأكثر مع التراث قصد تنقيته وغربلته بما يتوافق مع حاجيات العصر . °إعمال آليات الإجتهاد سواء في تعاملنا مع التراث أو مع الآخر . ° العمل على تنقية صورة الاسلام من كل تشويه أو تلفيق ، وترجمته الى مختلف اللغات ، فهناك اتجاه الآن في الغرب ـ يقول المحاضر ـ تواق الى معرفة الصورة الحقيقية عن الاسلام . ° ضرورة إعداد مشاريع ودراسات إسلامية تكون مادة للحوار بين الأديان . فمسؤوليتنا الدعوة لهذا الدين وإيصاله الى كل بقاع العالم ، يقول الله سبحانه وتعالى : " إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الانسان انه كان ظلوما جهولا " صدق الله العظيم . بعدها فتح باب التدخلات وقد كانت مفيدة أغنت مادة المحاضرة .